قوله عزوجل : (بَلى) قال الفرّاء : المعنى : بلى ليحورون ، ثم استأنف ، فقال عزوجل : (إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) قال المفسّرون : بصيرا به على سائر أحواله.
قوله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ) قد سبق بيانه.
وأمّا «الشّفق» فقال ابن قتيبة : هما شفقان : الأحمر ، والأبيض ، فالأحمر : من لدن غروب الشمس إلى وقت صلاة العشاء ثم يغيب ، ويبقى الشّفق الأبيض إلى نصف الليل. وللمفسّرين في المراد «بالشّفق» هاهنا ستة أقوال : أحدها : أنه الحمرة التي تبقى في الأفق بعد غروب الشمس.
(١٥٢١) وقد روى ابن عمر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الشّفق : الحمرة» ، وهذا قول عمر ، وابنه ، وابن مسعود ، وعبادة ، وأبي قتادة ، وجابر بن عبد الله ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، وأنس ، وابن المسيّب ، وابن جبير ، وطاوس ، ومكحول ، ومالك ، والأوزاعي ، وأبي يوسف ، والشّافعي ، وأبي عبيد ، وأحمد ، وإسحاق ، وابن قتيبة ، والزّجّاج. قال الفرّاء : سمعت بعض العرب يقول وعليه ثوب مصبوغ كأنه الشّفق ، وكان أحمر.
والثاني : أنه النهار. والثالث : الشمس ، روي القولان عن مجاهد. والرابع : أنه ما بقي من النهار ، قاله عكرمة. والخامس : السّواد الذي يكون بعد ذهاب البياض ، قاله أبو جعفر بن محمّد بن عليّ. والسادس : أنه البياض ، قاله عمر بن عبد العزيز.
قوله عزوجل : (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) أي : وما جمع وضمّ. وأنشدوا :
إنّ لنا قلائصا حقائقا |
|
مستوسقات لو يجدن سائقا (١) |
قال أبو عبيدة : (وَما وَسَقَ) ما علا فلم يمنع منه شيء ، فإذا جلّل الليل الجبال ، والأشجار ، والبحار ، والأرض ، فاجتمعت له ، فقد وسقها. وقال بعضهم : معنى : «ما وسق» : ما جمع مما كان منتشرا بالنهار في تصرّفه إلى مأواه.
قوله عزوجل : (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) قال الفرّاء : اتّساقه : واجتماعه واستواؤه ليلة ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، إلى ستّ عشرة.
قوله عزوجل : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) قرأ ابن كثير ، وحمزة والكسائيّ «لتركبن» بفتح التاء والباء جميعا ، وفي معناه قولان : أحدهما : أنه خطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. ثم في معناه قولان : أحدهما : لتركبنّ سماء بعد سماء ، قاله ابن مسعود ، والشّعبي ، ومجاهد. والثاني : لتركبنّ حالا بعد حال ، قاله ابن عباس ، وقال : هو نبيّكم.
والقول الثاني : أنّ الإشارة إلى السماء. والمعنى : أنها تتغير ضروبا من التّغيير ، فتارة كالمهل ، وتارة كالدّهان ، روي عن ابن مسعود أيضا.
____________________________________
(١٥٢١) الصحيح موقوف. أخرجه الدارقطني ١ / ٢٦٩ من حديث ابن عمر ، وفي إسناده عتيق بن يعقوب ، وهو لم يسمع من مالك. وورد من وجه آخر موقوفا ، أخرجه الدار قطني ١ / ٢٦٩ ، وهو الراجح ، وكذا روي عن جماعة من الصحابة موقوفا ، وهو أصح ، والله أعلم.
__________________
(١) الرجز في «ملحق ديوان العجاج» ٨٤ ، وهو في «مجاز القرآن» ٢ / ٢٩١ و«اللسان» وسق.