(فَيَحْلِفُونَ لَهُ) قال مقاتل ، وقتادة : يحلفون لله في الآخرة أنهم كانوا مؤمنين ، كما حلفوا لأوليائه في الدنيا (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ) من أيمانهم الكاذبة (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ) في قولهم وأيمانهم.
قوله عزوجل : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ) قال أبو عبيدة : غلب عليهم ، وحاذهم ، وقد بيّنّا هذا في سورة النّساء عند قوله عزوجل : (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) (١) ، وما بعد هذا ظاهر إلى قوله عزوجل : (أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) أي : في المغلوبين ، فلهم في الدنيا ذلّ ، وفي الآخرة خزي.
(كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢))
قوله عزوجل : (كَتَبَ اللهُ) أي : قضى الله (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) وفتح الياء نافع ، وابن عامر. قال المفسّرون : من بعث من الرّسل بالحرب ، فعاقبة الأمر له ، ومن لم يبعث بالحرب ، فهو غالب بالحجّة (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) أي : مانع حزبه من أن يذلّ.
قوله عزوجل : (لا تَجِدُ قَوْماً) الآية. اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال :
(١٤١٠) أحدها : نزلت في أبي عبيدة بن الجرّاح ، قتل أباه يوم أحد ، وفي أبي بكر دعا ابنه يوم بدر إلى البراز ، فقال : يا رسول الله دعني أكون في الرّعلة الأولى ، فقال : متّعنا بنفسك يا أبا بكر ، وفي مصعب بن عمير ، قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد ، وفي عمر قتل خاله العاص بن هشام يوم بدر. وفي عليّ وحمزة قتلا عتبة وشيبة يوم بدر ، قاله ابن مسعود.
(١٤١١) والثاني : أنها نزلت في أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه وذلك أنّ أبا قحافة سبّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فصكّه أبو بكر صكّة شديدة سقط منها ، ثم ذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أو فعلته»؟ قال : نعم. قال : فلا تعد إليه ، فقال أبو بكر : والله لو كان السيف قريبا مني لقتلته ، فنزلت هذه الآية ، قاله ابن جريج.
(١٤١٢) والثالث : نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أبيّ ، وذلك أنه كان جالسا إلى جنب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فشرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ماء ، فقال عبد الله : يا رسول الله أبق فضلة من شرابك ، قال : وما تصنع
____________________________________
(١٤١٠) ضعيف ، عزاه البغوي في «التفسير» ٤ / ٣١٢ / ٢١٥٤ لمقاتل بن حيان عن مرة الهمداني عن ابن مسعود قوله : ومقاتل ذو مناكر ، وهو غير حجة.
(١٤١١) باطل ، أخرجه ابن المنذر كما في «أسباب النزول» ١٠٨٩ عن ابن جريج ، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٨٠٠ عن ابن جريج تعليقا ، وهذا واه ابن جريح مدلس ، لم يذكر من حدثه ، ومع ذلك هو معضل ، فالخبر شبه موضوع ، قال الإمام أحمد : هذه المراسيل التي يرسلها ابن جريج كأنها موضوعة.
ـ راجع «الميزان» في ترجمة ابن جريج واسمه عبد الملك بن عبد العزيز.
(١٤١٢) عزاه المصنف للسدي ، ولم أقف عليه ، وهو مرسل بكل حال فهو واه.
__________________
(١) النساء : ١٤١.