الشجرة. وفي عددهم يومئذ أربعة أقوال :
(١٢٧٨) أحدها : ألف وأربعمائة ، قاله البراء ، وسلمة بن الأكوع ، وجابر ، ومعقل بن يسار.
(١٢٧٩) والثاني : ألف وخمسمائة ، روي عن جابر أيضا ، وبه قال قتادة.
(١٢٨٠) والثالث : ألف وخمسمائة وخمس وعشرون ، رواه العوفيّ عن ابن عباس.
(١٢٨١) والرابع : ألف وثلاثمائة ، قاله عبد الله بن أبي أوفى.
(١٢٨٢) قال : وضرب يومئذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بشماله على يمينه لعثمان ، وقال : إنه ذهب في حاجة الله ورسوله. وجعلت الرّسل تختلف بينهم ، فأجمعوا على الصّلح ، فبعثوا سهيل بن عمرو في عدّة رجال فصالحه كما ذكرنا في براءة (١) ؛ فأقام بالحديبية بضعة عشر يوما ، ويقال : عشرين ليلة ، ثم انصرف.
(١٢٨٣) فلمّا كان ب «ضجنان» نزل عليه : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) ، فقال جبريل : يهنيك يا رسول الله ، وهنّأه المسلمون.
والقول الثاني : أنّ هذا الفتح فتح مكّة ، رواه مسروق عن عائشة ، وبه قال السّدّيّ. وقال بعض من ذهب إلى هذا : إنما وعد بفتح مكّة بهذه الآية. والثالث : أنه فتح خيبر ، قاله مجاهد ، والعوفيّ ، وعن أنس بن مالك كالقولين. والرابع : أنه القضاء له بالإسلام ، قاله مقاتل. وقال غيره : حكمنا لك بإظهار دينك والنّصرة على عدوّك.
قوله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ) قال ثعلب : اللام لام «كي» ، والمعنى (٢) : لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النّعمة في الفتح ، فلمّا انضمّ إلى المغفرة شيء حادث ، حسن معنى «كي» ، وغلط من قال :
____________________________________
(١٢٧٨) أخرجه البخاري ٤١٥٠ و ٤١٥١ من حديث البراء بن عازب. وورد أيضا من حديث جابر ، أخرجه البخاري ٤١٥٤ ومسلم ١٨٥٦ ح ٧١ و ٧٢ و ٧٤ ، ومن حديث سلمة بن الأكوع ، أخرجه مسلم ١٨٠٧.
(١٢٧٩) أخرجه الطبري ٣١٥٢٤ عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قيل له «إن جابر بن عبد الله يقول : إن أصحاب الشجرة كانوا ألفا وخمس مائة ، قال سعيد : نسي جابر ، هو قال لي : كانوا ألفا وأربع مائة».
(١٢٨٠) أخرجه الطبري ٣١٥٢٦ عن ابن عباس بسند واه.
(١٢٨١) أخرجه البخاري ٤١٥٥ ومسلم ١٨٥٧ عن عبد الله بن أبي أوفى.
(١٢٨٢) لم أره بهذا اللفظ ، وخبر البيعة عن عثمان ، أخرجه الترمذي ٣٧٠٢ من حديث أنس ، وفيه الحكم بن عبد الملك ، وهو ضعيف.
(١٢٨٣) لم أره بهذا اللفظ ، وذكر جبريل غريب جدا. وانظر الآتي برقم ١٢٨٥.
__________________
(١) التوبة : ٧.
(٢) قال ابن كثير في «تفسيره» ٤ / ٢١٧ : وقوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) ، هذا من خصائصه صلىاللهعليهوسلم التي لا يشاركه فيها غيره. وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ وهو في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه ، لا من الأولين ولا من الآخرين ، وهو أكمل البشر على الإطلاق ، وسيدهم في الدنيا والآخرة. ولما كان أطوع خلق الله لله ، وأشدهم تعظيما لأوامره ونواهيه. فلما أطاع الله في ذلك وأجاب إلى الصلح قال الله له : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً. لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ).