معبوداتكم ، وأنتم لا تعبدون معبودى ..
وقوله تعالى :
(وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ* وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) ..
هو تعقيب على هذا الحكم العام المطلق ، وينبنى عليه : أننى لا أنا عابد ما عبدتم ، فى أي حال من أحوالى ، لا حاضرا ولا مستقبلا .. ولا أنتم عابدون فى المستقبل الإله الذي أعبده .. فأنا على ما أنا عليه من عبادة الإله الذي أعبده ، لا أتحول عن عبادته ، وأنتم على ما أنتم عليه من عبادة ما تعبدون من معبودات لا تتحولون عن عبادتها ..
وهذا يعنى أن الذين خوطبوا بهذا الخطاب من المشركين ، لم يدخلوا فى الإسلام ، ولم يؤمنوا بالله ، بل ماتوا على شركهم .. وهذا ما يفهم من قوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ففى وصف المشركين بالكفر إشارة إلى أنهم من الذين استبدّ بهم العناد ، وركبهم الضلال ، فانتقلوا ـ بدعوة النبىّ لهم إلى الإيمان بالله ـ انتقلوا من الشرك إلى الكفر الصريح ..
يقول الطّبرسى فى تفسيره : يريد (أي بالكافرين) قوما معينين ، لأن الألف واللام للعهد ..
والقرآن الكريم ، حين يلقى رءوس المشركين ، ومن غلبت عليه الشّقوة منهم ممن لا يدخلون فى دين الله أبدا ـ كان يخاطبهم بوصف الكافرين لا المشركين ، ومن ذلك قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً. فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (١٥ ـ ١٧ الطارق) .. ويقول سبحانه فى أحد رءوس هؤلاء المشركين : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً* أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً* كَلَّا