هذا ، ويطلق الطير على كل ما طار بجناحين ، سواء أكان بعوضا ، أم ذبابا ، أم نسورا ، وعقبانا ..
والسجيل : الحجارة الصلدة ، وأصل السجيل ، الطين المطبوخ.
والعصف : الكمّ الذي يضم الحب فى كيانه ، كحب القمح ، والشعير ، ونحوه .. كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ).
والعصف المأكول : أي الذي أكل منه الحب ، وبقي هذا القشر الرقيق الذي كان يغلّقه .. ولا شك أن هذا الذي أخذ الله سبحانه وتعالى به هذا الطاغية الذي جاء ليهدم بيت الله ، هو آية من الآيات الدالة على ما لهذا البيت عند الله من حرمة ، وأنه بيته على هذه الأرض ، الذي كان أول بيت وضع للناس ، وسيكون آخر بيت يبقى على وجه الأرض .. وأنه لا يزول حتى تزول معالم الحياة من هذا العالم .. ثم إن وقوع هذه الآية مع مطلع ميلاد النبي ، هو آية من آيات الله ، على ما لرسول الله عند ربه من مقام كريم ، فلا ينزل سوء ببلد هو فيه .. إنه صلوات الله وسلامه عليه ـ رحمة حيث كان .. رحمة للناس ، وبركة على المكان والزمان .. فرحم الله قومه ، وأكرمهم من أجله ، فلم ينزل به ما نزل بالأقوام الضالين الذين عصوا رسلهم ، بل عافاهم الله سبحانه من هذا البلاء وأخذ بهم إلى طريق الهدى والإيمان. وكذلك فعل سبحانه بالبلد الحرام ، مطلع نبوته ، ومبدأ رسالته ، فحماها من كل سوء ، ودفع عنها كل مكروه .. فى ماضيها ، وحاضرها ومستقبلها ، وستبقى هكذا إلى يوم الدين ، البيت المعمور ، الذي تتجه إليه أبدا قلوب الأمة الإسلامية ووجوهها.
* * *