والقرآن الكريم ، لا يشير إلى هذا الداء ـ داء الجدري ـ الذي يقال إنه هو الذي هلك به أبرهة وجيشه ، وإنما يتحدث عن طير أبابيل ، رمت القوم بحجارة من سجيل ، فجعلتهم كعصف مأكول ، كما يقول سبحانه :
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) وهو استفهام تقريرى تنطق به الحال المشاهدة ..
والتضليل : الضياع ، والخيبة ، والبوار ..
وقوله تعالى :
(وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ) ..
الأبابيل : الجماعات ، والأسراب التي يتبع بعضها بعضا ..
وقوله تعالى :
(تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ..).
أي أن هذه الأسراب من الطير كانت ترمى القوم بحجارة من سجيل ..
وهذه الحجارة لا يدرى حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى ، والأوصاف التي يصفها بها المفسرون والمحدّثون لا ينبغى الوقوف عندها .. وهل يسأل عن عصا موسى وكيف كانت تنقلب حية؟ وعن يد عيسى وكيف كانت تبرئ الأكمه والأبرص ، وعن كلمته ، وكيف كانت تحيى الموتى؟ .. إنها آيات من عند الله ، وآيات الله ، وإن لبست فى الظاهر صورا حسية ، فإن فى كيانها أسرارا لا يعلمها إلا علام الغيوب .. وهذه الطير ، هى طير ، والذي كانت تحمله وترمى يه القوم ، هو حجارة من سجيل .. أما جنس هذا الطير ، وصفته ، وأما الأحجار وصفتها فذلك ما لا يعلمه إلا الله ، والبحث عنه رجم بالغيب ..