جبريل ، وبين النبي ثلاث مرات : «اقرأ» .. «ما أنا بقاري!» أي لا أعرف القراءة ..
وفى هذا تنويه بشأن القراءة. وأنها السبيل إلى المعرفة والعلم ..
ثم إن الأمية ، وإن كانت حائلة بين المرء وبين أن يقرأ فى كتاب ، فإنها لا تحول بينه وبين العلم والمعرفة ، فهناك كتاب الوجود ، الذي يقرأ الإنسان آياته بالنظر المتأمل فيه ، والبصيرة النافذة إلى أسراره ، وعجائبه .. ثم هناك التلقي عن أهل العلم ، ممن يقرءون ويدرسون .. فليكن الإنسان قارئا أبدا ، على أي حال من أحواله ، قارئا بنفسه ، أو قارئا متابعا لغيره.
أما أمية النبي الكريم ، فهى أمية مباركة ، قد فتحت عليه خزائن علم الله ، إذ بعث الله سبحانه وتعالى إليه رسولا من عنده يقرأ عليه كتاب الله ، ويملا قلبه هدى ونورا منه ..
ولهذا كان النبي قارئا ، فقرأ حين أقرأه جبريل : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ).
وقوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) أي اقرأ بأمر ربك ، أي أن جبريل يقول : هذا الأمر الذي آمرك به ليس بأمرى ، وإنما هو بأمر ربك ، الذي يدعوك إلى أن تقرأ ما أفرئك إياه ، من كتاب ربك .. وهذا مثل قوله تعالى : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) (٢٧ : الكهف). وقوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (١٨ : القيامة).
وقوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) ـ هو بيان لقدرة الله سبحانه وتعالى ، وأنه هو الخالق وحده لا شريك له ، وأنه هو الذي بقدرته