تعالى : «اقرأ».
ففى الصحيحين عن السيدة عائشة ، رضى الله عنها ، قالت : «أول ما بدىء به رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من الوحى الرؤيا الصادقة فى النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبّب إليه الخلاء فكان يخلوا بغار حار ، يتحنث فيه الليالى ذوات العدد ، قبل أن يرجع إلى أهله ، ويتزود لمثل ذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فجئه الحق ، وهو فى غار حراء ، فجاء الملك ، فقال : «اقرأ» فقال : «ما أنا بقارئ» قال فأخذنى فغطّنى (١) حتى بلغ منى الجهد ، ثم أرسلنى ، فقال : «اقرأ» فقلت ما أنا بقارئ ، فأخذنى فغطنى الثانية حتى بلغ منى الجهد ، ثم أرسلنى ، فقال : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ).
هذه هى الآيات الخمس الأولى ، التي استفتح بها كتاب الله الذي نزل على النبىّ ..
والنبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ أمّى ، لا يقرأ ، وأمره بالقراءة ، إنما هو قراءة من هذا الكتاب السماوي ، الذي يقرأ منه جبريل ، فيقرىء النبىّ منه .. فهى قراءة متابعد لقارىء السماء ، جبريل ، من كتاب الله.
وقوله الملك لنبى : «اقرأ» هو دعوة إلى قراءة من كتاب ، والنبي صلوات الله وسلامه عليه ، لا يقرأ ، ثم إنه ليس هناك كتاب يقرؤه لو كان قارئا .. ولهذا كان ردّ النبي : «ما أنا بقاري»! .. وقد تكرر هذا الموقف بين
__________________
(١) صمنى إليه ضما شديدا.