وذلك أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يذكّرنا بأربعة فصول من كتاب الإنسان الطويل ، من أول نشأته إلى مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم.
فالتين ، إشارة إلى عهد الإنسان الأول ، فإن آدم ـ كما تقول التوراة ـ كان يستظل فى الجنة بشجر التين ، وعند ما بدت له ولزوجه سوءاتهما طفقا يخصفان عليهما من ورق التين .. فهذا أول فصل من فصول حياة الإنسان ..
والزيتون ، إشارة إلى الفصل الثاني ، وهو عهد نوح ، وذلك أنه بعد أن فسد البشر ، وأهلك الله من أهلك بالطوفان ، ونجّى نوحا ومن معه فى السفينة ، واستقرت السفينة على اليابسة ـ نظر نوح ـ كما تقول التوراة ـ إلى ما حوله ، فرأى الحياة لا تزال تغطى وجه الأرض ، فأرسل حمامة تأتى له بدليل على انحسار المياه عن وجه الأرض ، فجاءت إليه وفى فمها وريقات من شجر الزيتون ، فعرف أن المياه بدأت تظهر على وجه الأرض من جديد!
أما طور سينين ، فهو إشارة إلى الفصل الثالث من حياة الإنسان ، وهو ظهور الشريعة الموسوية ، وقد كانت تلك الشريعة دعوة لكثير من أنبياء الله ورسوله إلى عهد المسيحعليهالسلام ، الذي كان خاتمة هذه الشريعة.
وأما البلد الأمين ـ وهو مكة ـ فقد كان مطلع الرسالة الخاتمة لما شرع الله للناس ، وبها يختم الفصل الأخير من حياة الإنسان على هذه الأرض ..
وهذه كلها أقوال متقاربة ، يمكن أن يؤخذ بأيّ منها ، أو بها جميعها.
[مسيرة الإنسان .. إلى أمام ، أم وراء؟]
وقوله تعالى :
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ* ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ*