الذي تعصرون منه الزيت ، قال تعالى : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) (٤٠ : المؤمنون).
ويروى عن أبى ذرّ أنه أهدى إلى النبىّ صلىاللهعليهوسلم سل من تين ، فقال : «كلوا» وأكل منه ، ثم قال : «لو قلت : إنّ فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه ، لأن فاكهة الجنة بلا عجم (١) ، فكلوها فإنها تقطع البواسير وتنفع من النّقرس» .. وقيل التين المسجد الحرام ، والزيتون المسجد الأقصى ، وقيل : هما جبلان بالشام .. وقيل كثير غير هذا.
ويرجّح القرطبي أنهما التين والزيتون على الحقيقة ، وقال : «لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل»!.
ولكن إذا أخذنا بالقول بأن التين والزيتون هما هاتان الثمرتان ـ لا نجد جامعة بين التين والزيتون ، وبين طور سينين والبلد الأمين .. وعادة القرآن أنه لا يجمع بين الأقسام إلا إذا كانت بينها علاقة تشابه أو تضادّ ، وهنا لا نجد علاقة واضحة بين هاتين الفاكهتين ، وبين طور سينين والبلد الأمين ، اللهم إلا إذا قلنا : إن طور سيناء ينبت فيه التين والزيتون ، ويطيب ثمره ، فتكون العلاقة بينهما علاقة نسبة إلى المكان ، ويقوّى هذه النسبة أن القرآن الكريم أشار فى موضع آخر إلى منبت شجرة الزيتون ، وأن طور سيناء هو أطيب منبت لها ، إذ يقول سبحانه : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ). (٢٠ : المؤمنون)
وقيل : إن التين والزيتون فاكهتان ، ولكن لم يقسم بهما هنا لفوائدهما ، بل لما يذكّران به من الحوادث العظيمة التي لها آثارها الباقية
__________________
(١) أي بلا نوى.