الذي توصل العلم الحديث إلى ما هو خير منه .. ولا ندرى كيف تحمل كتب التفسير والحديث مثل هذه الأخبار ، التي إذا وزنت بميزان العقل لم يكن لها وزن فى معابير الحقيقة والواقع ، الأمر الذي إذا وقف عليه غير الراسخين فى العلم ، أشاع الشك عندهم فى حقائق هذا الدين كلها ، وغطى دخان مثل هذه المقولات الساذجة الملفقة على حقائقه ، وحجب الرؤية الصحيحة عن كثير من الأبصار!!
إن الأمر يحتاج إلى نظرة فاحصة من علماء المسلمين جميعا ، وإلى كلمة سواء بينهم فى هذه المرويات المتهافتة ، التي تضاف إلى الصفوة المختارة من صحابة رسول الله ، والذين اتخذ الوضّاع والمنافقون من مكانتهم فى نفوس المسلمين ، مدخلا يدخلون به عليهم ، ويروّجون عندهم هذا الزور من القول ، معزوّا إلى كبار صحابة رسول الله ، وإلى أعلام الإسلام ، ومصابيح هداه!!
وفى القرآن الكريم أكثر من آية تدل على أن شرح الصدر ، هو تفتّحه للحياة ، وإقباله على معالجة أمورها ، فى رضا ، وشوق ، وإقبال .. وفى هذا يقول الله تعالى : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (٢٢ : الزمر) ويقول سبحانه : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) (١٢٥ : الأنعام) وعلى لسان موسى عليهالسلام ، يقول الله تعالى : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) (٢٥ ـ ٢٧ : طه)
وشرح الصدر فى هذه المواضع كلها ، هو بمعنى استجابته للخير الذي يدعى إليه ، وتقبله له ، واتساعه للكثير منه .. وضيقه ، هو عدم تقبله للخير ، واختناقه به ، كما يختنق الصدر بالروائح الخبيثة المنكرة!
فلم إذن يكون شرح الله سبحانه وتعالى لصدر رسول الله على هذه الصورة التي تشبه الملهاة ، أو المأساة؟