وأكثر من هذا ، فإن قوله تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) يقابله فى آية أخرى قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) (٩٧ : الحجر) فهل كان ضيق الصدر بعملية جراحية كعملية شرحه؟ إن هذا من ذاك سواء بسواء!
وعلى أىّ ، فإنه إذا صحت هذه المرويات عن شق صدر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإنه ينبغى ألا تحمل على محاملها المادية الظاهرة ، بل ينبغى أن يلتمس لها وجه من التأويل تقبل عليه.
وقوله تعالى :
(وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ. الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ.)
الوزر : الحمل الثقيل ، من الهموم ، ونحوها ..
ونقض الظهر : هو نوءه بالحمل الثقيل ، وانحناؤه تحته ..
وهنا سؤال : أكان النبي صلىاللهعليهوسلم يحمل أثقالا على ظهره ، أم أنها أثقال المعاناة النفسية التي كان يعانيها من عناد قومه ، وخلافهم عليه؟ وإذا كان الله سبحانه ، قد شرح صدر النبي هذا الشرح المادي الذي شق به صدره ، وفتح به قلبه ـ فهل فعل سبحانه مثل هذا بظهره ، فشدّ أعصابه ، وقوّى فقاره؟ أليس هذا من ذاك؟
وقوله تعالى :
(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ)
أي أجرينا ذكرك الحسن على الألسنة ، وجعلنا لك ذكرا عاليا باقيا على الزمن .. فما آمن مؤمن بالله إلا جعل الإيمان بنبوّتك من تمام إيمانه بالله ، وإنه لا يؤمن بالله من لم يؤمن بأنك رسول الله ، يقرن ذكرك بذكر الله.