التفسير :
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)
الاستفهام هنا تقريرى ، يفيد توكيد الخبر الواقع عليه الاستفهام .. فهو خبر ، ولذلك عطف عليه الخبر وهو قوله تعالى بعد ذلك : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) .. أي «شرحنا لك صدرك ، ووضعنا عنك وزرك»
وشرح الصدر ، هو إخلاؤه من وساوس الحيرة والقلق ، وإجلاء خواطر الهمّ ، والغم التي تعشش فيه .. وبهذا يتسع لبلابل الفرح والبهجة أن تصدح فى جنباته ، وأن تغرد على أفنانه ..
وإنه ليس كالهمّ قبضا للصدور ، وخنقا للأنفاس ، وإظلاما للمشاعر ، وتجميدا للعواطف ..
إن المهموم المكروب ، مكظوم الصدر ، مبهور الأنفاس .. على عكس الخلىّ من الهموم ، المعافى من الآلام .. إن صدره منبسط يستقبل أنسام الحياة فيرتوى بها ، وينتعش بأندائها العطرة ، ثم يحسو منها كما يحسو الطير من جداول الربيع ، تسيل من عيون الجبال!
هذا هو ما نفهم من قوله تعالى : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)
أما ما يروى من أخبار شرح صدر الرسول الكريم ، بما يشبه العملية الجراحية ، على يد ملكين كريمين يقال إن الله سبحانه بعثهما لهذه المهمة ، فشقّا صدر النبي ، وفتحا قلبه ، وغسلاه ، وملآه حكمة وعلما ، فهذا مما ينبغى مجاوزته ، وعدم الوقوف طويلا عنده ، إذ ليس هذا القلب الصنوبري من اللحم والدم ، هو مستودع العلم والحكمة ، وعلى فرض أنه هو مستودع العلم والحكمة ، فإنه ما كانت قدرة الله تعالى بالتي تعالج هذا الأمر مع النبي على هذا الأسلوب