وقوله تعالى :
(وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى)
أي أن الذي يخل بماله ، وضمن بالإنفاق منه فى وجوه الخير ، لن ينفعه هذا المال الذي أمسكه ، ولن يجد منه عونا ، إذا هو تردّى فى هاوية الجحيم!.
والتردي : الهوىّ والسقوط من عل.
وقوله تعالى :
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى)
أي إن علينا أن نبين للإنسان طريق الهدى ، ونكشف له عنه ، بما أودعنا فيه من عقل ، وما بعثنا إليه من رسل ، وما أنزلنا من كتب .. فهذه كلها أنوار كاشفة تكشف للإنسان عن وجه الحق والخير ، وعن وجوه الضلال والشر .. ثم إن للإنسان أن يختار الطريق الذي يسلكه ..
فالهدى ، غير الهداية .. ولهذا جاء النظم القرآنى : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) ولو جاء هكذا : «إن علينا للهدآية» لكان على الله أن يهدى الناس جميعا ، وأن يكون ذلك على سبيل القهر والإلزام ، وهذا مالم يقع فى حكمة الله ، ولم يكن من تدبيره سبحانه وتعالى .. بل جعل الله للإنسان كسبا يكسبه بإرادته ، وعملا بعمله باختياره ، حتى يحقق وجوده كإنسان ، ويثبت ذاتيته كخليفة الله على الأرض .. وبهذا يستأهل الثواب والعقاب! ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) (١٣ : السجدة) .. وهذا لا يتعارض مع مالله سبحانه من مشيئة مطلقة غالبة .. ولكنّ مشيئة الله تدور فى فلكها مشيئة الإنسان ، التي بها يقضى فى أموره ، ويأخذ الطريق الذي يختاره ويرضاه.