وقوله تعالى :
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى).
وعلى عكس هذا من يبخل بماله ، ويضنّ ببذله فى سبيل الله ، وفى وجوه الخير ، ومن وراء هذا البخل تكذيب بالإحسان ، وبخس لقدره ، واعتقاد بعدم جدواه ـ من يفعل هذا ، فهو على طريق الضلال ، يرصده عليه شيطان يغريه ويغويه ، ويدفع به دفعا على هذا الطريق .. وهذا يعنى أن الله سبحانه وتعالى ييسّر لكل إنسان طريقه الذي يضع قدمه عليه .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٣٩ : الأنعام) أي من يشأ الله إضلاله ، أخلى بينه وبين نفسه ، على طريق الضلال ، وقيض له شيطانا ، فهو له قرين ، ورفيق ، على هذا الطريق كما يقول سبحانه : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (٣٦ : الزخرف) .. ومن يشأ الله هدايته أقام وجهه على طريق الهدى ، وزوده بالزاد الطيب الذي يعينه على مواصلة السير فيه .. وفى هذا يقول الرسول الكريم : «اعملوا فكلّ ميسر لما خلق له ..»
والعسرى : ضد اليسرى .. وهى من العسر ، والتعقيد ، بخلاف اليسرى فإنها من اليسر والسهولة .. وسميت طريق الضلال «عسرى» لأنها طريق مظلم ، لا معلم من معالم الهدى فيه ، وإن صاحبه ليظل يخبط فى ظلام ، ويتردّى فى معاثر حتى يرد مورد الهالكين .. أما طريق الهدى ، فهى طريق واضحة المعالم ، لا يضل سالكها أبدا .. (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢٢ : الملك)