وهذا وإن كان شعرا ، وكان للخيال منه مكان ـ فإنه يقوم على أصل أصيل من مشاعر الفطرة الإنسانية السليمة ، التي لم يفسدها الهوى ، ولم يغلبها الطبع الحيواني المتوحش الكامن فى الإنسان ..
فالمال نعمة من نعم الله ، وإحسان من إحسانه ، وإنه لمن الغبن لمن أنعم الله به عليه ، بفضله وإحسانه ، أن يشترى به عداوة الله ، وأن يفتح به إلى جهنم بابا من أبوابها!!
فالمال نعمة ، يمكن أن ينال بها العاقل طيبات الحياة الدنيا ، وحسن ثواب الآخرة ..
ولكنه حين يقع ليد الأغبياء المغرورين ، يكون عليهم وبالا ، وشقاء ، فى الدنيا والآخرة جميعا .. وفى «قارون» شاهد عبرة وعظة!
وقوله تعالى :
(وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) ..
قدر عليه رزقه : أي ضيّقه عليه ، ولم يوسع له فيه ، بالنسبة لما يراه فى غيره من الناس ..
وفى هذه الحال يحاجّ هذا الإنسان الغافل الكفور ـ يحاجّ ربّه ، ويلقاه متسخطا متبرما ، متّهما خالقه بأنه لم يعرف قدره ، ولم يؤد له ما هو جدبر به ، وأنه ليس أقلّ من فلان ، وفلان ، من أصحاب الغنى والثراء!!
وهذا ضلال مود بأهله ، ومورد إياهم موارد التهلكة ..
فالامتحان بالفقر ، والضيق ، والشدة ، كالامتحان بالغنى ، والثراء والنعم. فإذا كان الامتحان بالغنى يضع الإنسان أمام شهوات عارمة ، وأهواء غالبة ،