إشارة إلى أن الذي يذكر الإنسان اسمه ، هو مرييه ، ومنشئه ، والمنعم عليه بالإيجاد ، والخلق على هذه الصورة السوية.
قوله تعالى :
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا* وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى).
هو إضراب عن هذا الخبر : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) ـ حيث لم يستجب له معظم الناس ، ولم يدخل فيه أكثرهم ، إذ قد آثروا الحياة الدنيا على الآخرة ، وشغلوا بها عن ذكر الله ، وإقامة الصلاة على تمامها وكمالها ، فى إخلاص ، وخشوع ، وإخلاء القلب لها من هموم الحياة وشواغلها ..
فإن الصلاة إذا لم تستوف أركانها ، ولم يدخل فيها المصلى بعد ذكر الله ، واستحضار جلاله وعظمته ـ كانت مجرد حركات ، يخشع لها قلب ، ولا تنتعش بها روح!! إنها إن لم تكن نفاقا مع الناس ، كانت نفاقا مع الإنسان ونفسه واختيانا من الإنسان للأمانة التي اؤتمن عليها ، ليؤديها إلى روحه ، وقلبه ، غذاء وضياء! وهذا ما يشير إليه قوله تعالى فى وصف المنافقين : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) (١٤٢ : النساء).
وهؤلاء الذين قصروا فى ذكر الله ، وفى الصلاة القائمة على ذكر الله ، قد بخسوا أنفسهم ، لأنهم آثروا الفانية على الباقية ، اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ، (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى).
قوله تعالى :
(إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى ، صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى).
الإشارة هنا إلى ما تحدثت به الآيات السابقة ، من أن من آثر الحياة