يلقون فى هذه النار ، سيخلدون فيها ، وهو خلود فى عذاب شديد ـ وقانا الله شره ـ وأن الحياة فى هذا العذاب ليست حياة يجد فيها الحي طعما للحياة ، وليست موتا يستريح فيه من هذه الحياة .. فلا هو فى الأحياء ، ولا فى الأموات ، إنه فى حياة متلبسة بالموت ، وفى موت ملبس بالحياة : (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) وهذا أقسى ألوان الحياة وأشدها ..
قوله تعالى :
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) ..
الذين لا تنفعهم الذكرى ، هم الأشقياء الذين غلبت عليهم شقوتهم فلم تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق .. فكان مصيرهم النار ، لا يموتون فيها ولا يحيون .. ذلك ، على حين قد أفلح من تزكى ، أي تطهر من أوضار الكفر والضلال ، فآمن بالله ، وذكر اسم ربه ، وأقام الصلاة.
وقوله تعالى : (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) ـ إشارة إلى أن الصلاة مرتبة على ذكر الله ، فمن لم يذكر الله سبحانه ، ويستحضر جلاله وعظمته فيما يذكر من أسمائه وصفاته ـ لا يخشع قلبه لله ، ولا يصلّى له ..
وفى ذكر الصلاة على أنها الأثر المترتب على ذكر الله ـ إشارة إلى أن الصلاة ، بما فيها من ولاء ، وخشوع ، وركوع ، وسجود ، هى أكمل الوسائل وأعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه ، ومن هنا كانت رأس العبادات .. وملاك الطاعات .. وهى شريعة كل نبى ، ودعوة كل رسول إلى قومه ، بعد الإيمان بالله .. فيقول سبحانه عن إسماعيل : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) (٥٥ : مريم) ويقول سبحانه على لسان عيسى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) (٣١ : مريم).
وفى ذكر الله سبحانه وتعالى بالربوبية من بين أسمائه الكريمة كلها ـ