أي وهو سبحانه الذي قدّر لكل مخلوق ما هو مناسب له ، ملائم لوجوده ، محتفظ له بمكانه بين المخلوقات .. (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٥٠ : طه) فكل مخلوق ، من إنسان ، أو حيوان ، أو نبات ، أو جماد ـ ميسر لما خلق له .. كما فى الحديث الشريف : «اعملوا فكل ميسر لما خلق له»
قوله تعالى :
(وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى * فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى)
ومن آثار الخالق سبحانه وتعالى ، أنه أخرج من الأرض ما يأكل منه الناس والأنعام .. فكل ما على الأرض من نبات ، هو مرعّى للناس ، وللحيوان ، وأنه إذا كان الإنسان بعقله قد أدخل الصنعة على هذا المرعى ، فاتخذ من الحبّ خبزا ، ومن الفاكهة شرابا ـ فإن ذلك لا يخرج بهذا النبات عن أن يكون مرعى لنا وللأنعام ، يشير إلى ذلك قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ، أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها ، وَالْجِبالَ أَرْساها ، مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) (٣٠ ـ ٣٣ النازعات) فالناس والأنعام سواء أمام هذه المائدة الممدودة من فضل الله.
وقوله تعالى : (فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) ـ إشارة إلى أن هذا المرعى الأخضر ، لا يثبت على حال واحدة ، بل إنه يتنقل من حال إلى حال ، فيتحول من الحياة والخضرة ، إلى الجفاف ، والموات ، فيكون «غثاء» أي هشيما «أحوى» أي أسمر اللون ، بعد أن يلوّحه الجفاف ، ويذهب منه ماء الحياة الذي كان يسرى فى كيانه .. وهذا من إبداع القدرة ، التي تبدي وتعيد.
قوله تعالى :
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى * إِلَّا ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى).
مناسبة هذه الآيات لما قبلها ، هى أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلىاللهعليهوسلم فى أول السورة أن يسبح باسمه ، وأن يذكره ، وذلك بتلاوة آيات