وقوله تعالى : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) إشارة إلى الوقت الذي يبعث فيه هذا الإنسان إلى الحياة مرة أخرى ، فذلك هو يوم «تبلى السرائر» أي يوم يخرج كل ما انطوى فى سريرة الإنسان ، وكل ما احتفظ به فى صدره من أسرار ، فلا يبقى سر إلا ظهر على الملأ ، يوم الحساب والجزاء .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ. وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ. إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (٩ ـ ١١ : العاديات).
قوله تعالى :
(فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ).
أي فى هذا اليوم ، يوم يكشف عما فى الصدور ، ويوضع موضع الفحص والاختبار ، ليتبين الخبيث من الطيب – فى هذا اليوم لا يكون للإنسان قوة من ذات نفسه ، يدفع بها السوء عنه ، كما أنه لا يجد ناصرا ينصره ويعينه .. فكل إنسان مشغول بما هو فيه : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ). (٣٧ : عبس)
وقوله تعالى :
(وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ، وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ ، إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ، وَما هُوَ بِالْهَزْلِ).
هو قسم بالسماء ذات الرجع ، أي ذات المطر الذي ينزل من السحاب ، وسمى المطر رجعا ، لأنه خرج من الأرض ، وإليها يرجع .. وقسم آخر بالأرض ذات الصدع ، أي التي تتشقق ليخرج منها النبات ، الذي يتخلق فى رحمها من هذا الماء المصبوب فيها ..
فالسماء التي ينزل منها الماء ، إنما تعيد هذا الماء إلى الأرض الذي خرج منها إلى السماء ، والأرض التي تتصدع عن النبات تعيد هذا النبات الذي نقذ إليها من ظهرها ـ تعيد إلى ظهرها مرة أخرى. وفى هذا ، وذاك ، دليل على تلك الدورة