وفى هذا العرض لصفات الله ـ سبحانه ـ الجامعة بين القدرة والبطش ، وبين المغفرة والود ـ فى هذا وعيد ووعد ، وتهديد وترغيب .. فمن خاف وعيد الله بالعذاب ، تلقاه وعده بالرحمة والرضوان ، ومن أفزعه التهديد بالنار وعذابها ، آنسه للترغيب بالجنة ونعيمها
وقوله تعالى :
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ. فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ).
هو إلفات إلى طغمة من عتاة الناس وأشرارهم ، من الذين استخفوا بقدرة الله ، ولم يرهبوا سلطانه ، فتسلطوا على العباد ، وطغوا فى البلاد ، فأكثروا فيها الفساد.
والاستفهام هنا : إما أن يكون على حقيقته ، ويكون النبي صلىاللهعليهوسلم قد تلقى من آيات ربه قبل ذلك ، حديثا عن فرعون ، وثمود ، وما أخذهم الله به من بلاء ونكال ، وعلى هذا يكون جواب الاستفهام محذوفا ، تقديره. نعم أنانى حديث الجنود فرعون ، وثمود! ويكون التعقيب على هذا الجواب أظهر من أن بدل عليه ، وهو : ألا ترى فى هذا الحديث ما أخذ الله به أهل البغي والتعدي؟ وهل قومك أعتى عتوّا وأشد قوة من فرعون وجبروته ، وتمود وبطشهم؟
ويجوز أن يكون الاستفهام مرادا به بالنفي ، أي إنه لم يأتك حديث الجنود .. وإذن فسنقصه عليك فيما سينزل عليك من آياتنا بعد .. وفى هذا ما ببعث الشوق والتطلع إلى هذا الحديث العجيب ، وانتظاره فى لهفة ، وترقب.
وفى وصف القوم بالجنود ، إشارة دالة إلى أنهم ذوو بأس وقوة ،