والطمع فى رضوانه ، والتعلق بالرجاء فيه ، فى ذلك اليوم الذي ينقطع فيه كل رجاء إلا منه جلّ وعلا .. وهذا النظر إلى رحمة الله ، لا يختلف عن معنى الرغبة إلى الله ، والرجوع إليه ، كما يقول سبحانه : (إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ) (٣٢ : القلم) وكما يقول جل شأنه : (وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) (١٥٦ : البقرة) أما النظر فى وجه الله سبحانه وتعالى فى الآخرة ، وأما إمكانه وكيفيته ، فذلك ـ إن صحت الأخبار المروية عنه ـ مما نؤمن به غيبا ، ولا نبحث عنه صورة وكيفا!!
قوله تعالى :
* (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ* تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ).
هو معطوف على قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ..) وهو عطف حال على حال ، ومقام على مقام .. فهناك وجوه ناضرة إلى ربها ناظرة ، تقابلها فى الجانب الآخر ، وجوه باسرة ، أي كالحة مغبرّة ، تتوقع أن يفعل بها الفواقر ، وهى الدواهي والمهلكات .. والوجوه الناضرة ، الطامعة فى رحمة ربها ، هى وجوه المؤمنين ، والوجوه الكالحة المتوقعة الهلاك ، هى وجوه المشركين ، والضالين ..
وقوله تعالى :
* (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ* وَقِيلَ مَنْ راقٍ* وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ* وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ* إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ.).
هو إعراض عن حديث يوم القيامة ، الذي لا يصدّق به المشركون ، وعرض لهذا المشهد الذي يراه الناس بأعينهم فى الحياة الدنيا ، وهو مشهد الموت ، الذي ينهى حياة الإنسان من هذا العالم الدنيوي ..