فالناس هناك فريقان : مؤمنون ، وكافرون ..
والمنازل هناك منزلان : الجنة .. والنار
فالمؤمنون منزلهم الجنة ، والكافرون مأواهم النار ..
وفى عرض أصحاب الجنة يومئذ بما يكشف عن وجوههم وحدها ، هو عرض لحالهم جميعها ، ظاهرها ، وباطنها ، حيث تبدو على الوجه أحوال الإنسان ، وما يكون عليه من نعيم أو شقاء ، ومن طمأنينة أو جزع ..
ونضارة الوجوه ، تحدّث عن النعمة التي يعيش فيها أصحابها ، وعن الخصب والخير الذي يحفّ بهم ، حتى لقد فاضت الوجوه نضارة وبشرا ، وحتى لكأنها الزهر المتفتح على أنسام الربيع فى روض أريض.
وقوله تعالى : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)
أكثر المفسرون من المقولات التي تقال فى تأويل الوجوه الناظرة إلى ربها ، وهل فى الإمكان رؤية الله؟ إن الرؤية معناها تحديد المرئىّ وتجسيده ، والله سبحانه منزه عن التحديد والتجسيد .. فكيف يمكن رؤيته؟
وهذه قضية استنفدت كثيرا من جهد العلماء ، من المتكلمين وأهل السنة ، ولو أنصف هؤلاء وهؤلاء عقولهم ، لأمسكوا بها عن الخوض فى لجج هذا البحر الذي لا ساحل له ، فإن عقولنا تلك ، إنما خلقت لهذا العالم الأرضى ، ولكشف ما فيه من حقائق ، أما عالم الآخرة ، فعقولنا بمعزل عنه ، فكيف بذات الله سبحانه وتعالى؟ وكيف بعقولنا المحدودة القاصرة يراد لها أن تحتوى هذا الجلال الذي لا حدود له ، والذي وسع كرسيه السموات والأرض؟
ولهذا ، فإن خير ما يحمل عليه قوله تعالى : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) هو ما ذهب إليه السلف من أن المراد بالنظر إلى الله ، هو النظر إلى رحمة الله ،