وقد أضيف رسول الله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ عبدا لربه ، إضافة مطلقة ، على صور متعددة ، فتارة يضاف إلى ضمير الذات العلية فى مقام الغيبة ، كما فى قوله تعالى: (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) (١ : الإسراء) وتارة يضاف إلى ضمير الذات فى مقام الحضور ، كما فى قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) (٤١ : الأنفال) وتارة يضاف إلى اسم الذات كما فى قوله تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ). (١٩ : الجن)
ولا شك أن فى تنوع هذه الإضافات زيادة تشريف وتكريم ، فوق هذا التشريف والتكريم ، حيث يضيف الحق سبحانه وتعالى عبده ، متجليا عليه بذاته ظاهرا ، وباطنا ..
وبهذا المقام العظيم استحق الرسول الكريم ، أن يصلّى عليه ربه ، وأن تصلى عليه ملائكة ربه ، وأن يدعى كل مؤمن ومؤمنة بالله ، للصلاة عليه : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ .. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٥٦ : الأحزاب) .. فصلى الله عليك يا رسول الله وعلى آلك وصحبك ، وسلم تسليما ..
وقوله تعالى (يَدْعُوهُ) أي يدعو ربه ، وهو حال من الفاعل فى قوله تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ) وقوله تعالى : (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) أي كاد المشركون أن يكونوا لبدا على النبىّ ، أي جمعا واحدا عليه ، يجتمع بعضهم إلى بعض فى مساندة وتلاحم ، كما يجتمع اللّبد ، وهو الشعر الكثيف ، حيث يكون كتلة واحدة مثل لبد الأسد المجتمع على صدره ، وحول عنقه ، ومنه قوله تعالى : (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) (٦ : البلد) أي كثيرا مجتمعا بعضه إلى بعض ..