ونقول ـ والله أعلم ـ إن الخبر الذي تصدّر إلى النبي بهذا الأمر من الله سبحانه بلفظ «قل» إنما يراد به مواجهة المشركين خاصة ، والاستعداد لتلقّى ما يثيره هذا الخبر فيهم من ثائرات البهت والتكذيب ، وما يفتح لهم من أبواب التشنيع على الرسول والسخرية منه ، وأن على النبىّ ألا يلتفت إلى تخرصات هؤلاء المشركين ، ولا يحفل بما يثرثرون به من لغو وهذر ، إزاء هذه الحقيقة التي استيقنها النبىّ ، بعد أن أخبره الله سبحانه وتعالى بها ، فى الآيات التي تلقاها من سورة الأحقاف ..
فالخبر الذي تلقاه النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فى سورة الأحقاف : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ..) هو أشبه بالسرّ بينه وبين الله سبحانه وتعالى ، وإن كان هذا السرّ لا يلبث أن يذاع بعد أن تلقاه النبىّ قرآنا يتلوه على الناس ..
أما الخبر الذي تلقاه ـ صلوات الله وسلامه عليه .. فى سورة الجنّ ، فهو أمر بالمبادرة بإذاعة هذا السرّ ، الذي كان من شأنه أن يذاع ، إن لم يكن اليوم فغدا ، أو بعد غد .. إنه حثّ على المبادرة بإذاعة هذا الخبر ، وتلاوته جهرا على الناس حتى يقرع أسماع المشركين ، وليكن منهم ما يكون!!
وسؤال آخر .. هو :
(مخاطبات القرآن وحكايتها كما هى .. ما سرّها؟)
هذا الخبر ، أو هذه الأخبار ، التي يتلقاها النبىّ ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ مصدّرة بلفظ «قل» أو «يا أيها النبىّ» أو «يا أيها الرسول» لما ذا يلتزم النبىّ أن ينقلها كما تلقاها ، دون أن يتصرف فيها ، فيأخذ منها ماله ،