وهذا مثل قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (٢٣٨ : البقرة) ..
قوله تعالى :
* (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) ..
وحفظ الصلاة ، هو أداؤها على وجهها الصحيح ، بما يسبقها من طهارة الجسد ، والثوب ، والمكان ، وبما يقوم بين يديها من انشراح صدر ، وروح نفس ، واستحضار ذهن ، واجتماع فكر ، وبما يصحبها من خشية وجلال ، فى مناجاة ذى العظمة والجلال ..
فمن صفات المؤمنين أنهم على صلاتهم دائمون ، أي يؤدونها فى أوقاتها ، وأنهم إذ يؤدونها إنما يؤدونها على تلك الصفة ، من الجلال ، والرهبة ، والخشوع ..
وقد فصل بين أداء الصلاة فى قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) وبين الصفة التي تؤدّى بها فى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) ـ فصل بينهما بتلك الآيات التي تدعو إلى أداء الزكاة ، وإلى التصديق بيوم الدين ، والخشية من عذاب الله ، وإلى حفظ الفروج ، وأداء الأمانات ، والقيام بالشهادات ـ لأن أداء الصلاة مطلوب على أية حال ، لا يقوم للمؤمن عذر أبدا يحلّه من أدائها فى أوقاتها .. أما أداؤها على تلك الصفة الخاصة من الخشوع ، والخضوع ، والرهبة ، والجلال ، فهو أداء للأمانة ، وأنه لا تبرأ ذمة الإنسان منها إلا بأدائها على تلك الصفة ، فإذا لم يؤدها على تلك الصفة ، فهى لا تزال أمانة فى يده ، ومطلوب منه أن يؤديها على وجهها ، أما إذا لم يؤدّ الصلاة أصلا ، فهو تضييع لتلك الأمانة ، يحاسب «م ٧٥ التفسير القرآنى ج ٢٩»