هو بيان لصفة أخرى من صفات المؤمنين ، وهى رعاية الأمانات التي أؤتمن عليها المؤمن ، سواء أكانت هذه الأمانات لله ، فيما فترض سبحانه على المؤمن ، من صلاة ، وزكاة ، وصوم ، وحج ـ وجهاد ، أو كانت من أمانات الإنسان لنفسه ، كفرجه .. أو أمانات للغير ، كالودائع ونحوها ..
والعهود ، هى المواثيق التي بين العبد وربه ، وبينه وبين نفسه ، وبينه وبين الناس ، وهى من قبيل الأمانات ..
ورعاية هذه الأمانات ، هى أداؤها على الوجه الذي أمر الله به .. وفى نقض العهود خيانة للأمانة ، وفى خيانة الأمانة نقض للعهد للأخوذ على المؤمن بحفظها.
قوله تعالى :
* (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) ..
وقيام الشهادات ، صفة من صفات المؤمنين ، وهو أداء الشهادة على وجهها لذى يحقّ الحق ، ويبطل الباطل .. (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (٢٨٣ : البقرة) ..
وفى التعبير عن أداء الشهادة على وجهها ، بلفظ القيام بها ، إشارة إلى أن الذي يؤديها ، إنما يقيم بها ميزان العدل ، كما يقول سبحانه : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) (٩ : الرّحمن) وكما يقول جل شأنه : (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) (٤ : الطلاق) ..
كما أنه يشير إلى أن أداءها أمر له شأنه وخطره ، وأنه مطلوب من الإنسان أن يقوم لها بكيانه كلّه ، وأن يظل هكذا قائما حتى يؤديها ..