عليها حساب المضيّعين للأمانات ، وإنه حينئذ ليعز عليه أن يجدها ، إذا هو أراد أن يؤديها ، لأنها أفلتت من يده!
وهذا يعنى أن دوام الصلاة ، والمواظبة عليها فى أوقاتها ، من شأنه أن يبلغ بالإنسان يوما ، القدرة على أدائها كاملة ، وأنه إذا فاته مرحلة من مراحل أدائها أن يمتلىء قلبه بالخشوع والرهبة معها ، فإنه ـ مع المواظبة ـ سيجيئ اليوم الذي يجد فيه لصلاته ما يجد المصلون الخاشعون .. وهذا ما يشير إليه الرسول الكريم فى قوله لمن جاء يقول له : إن فلانا يصلّى ، ولا ينتهى عن المنكر ، فيقول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ : «إن صلاته ستنهاه» .. أي ستنهاه عن المنكر يوما ما ، إذا هو واظب عليها ، فإن المواظبة عليها من شأنها أن تعلق الصلاة بقلبه ، ثم يكون لها بعد ذلك سلطان عليه ، ثم يكون لهذا السلطان وازع ، بما يشبع فى قلبه من رهبة وخشية لله!.
ومن جهة أخرى ، فإن التنويه بالصلاة بدءا وختاما ، يجعل هذه الفضائل ـ التي بين أداء الصلاة ، والصفة التي تؤدّى عليها ـ فى ضمان هذا الحارس القوى الأمين ، وهو الصلاة ، فإذا لم يكن بين يدى هذه الفضائل صلاة ، وإذا لم يكن خلفها صلاة ، جاءت هذه الفضائل فى صورة باهتة هزيلة ، لا تلبث أن تجف ، وتموت ، ولا يبقى لها فى كيان الإنسان داع يدعو إليها ، أو هاتف يهتف بها .. ومن هنا كانت الصلاة عماد الدين ، كما يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه.
قوله تعالى :
* (أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ).
فهذا هو جزاء المؤمنين الذين يكونون على تلك الصفات ، التي بيّنتها