يطمع فى رحمته ، ويرجو كشف الضر عنه ، فيجد فى هذا الرجاء متنفسا لكربه ، وكشفا لضره.
هكذا المؤمنون بالله ، لا يحزنهم هم نازل ، ولا يكربهم بلاء مطبق ، لأنهم فى ضمان من رحمة الله ، وعلى رجاء من فضله .. (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) (٨٣ : ٨٤ : الأنبياء)
إن المؤمن على يقين من أن له ربّا يشكو إليه ، وأن ربه سميع الدعاء ، واسع الرحمة : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (١٨٦ : البقرة).
إن المؤمن لا يأسى على شىء فاته من أمور الدنيا ، ولا يجزع لشىء أصابه من همومها ، إذ هو على يقين من أن ذلك بقضاء وقدر ، وأنه بتقدير العزيز الحكيم ، وأن ما قدره الله سبحانه ، هو الخير ، وإن رآه الإنسان شرا ، كما يقول سبحانه : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢١٦ : البقرة) ويقول جل شأنه : (فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (١٩ : النساء) .. وفى هذا كله عزاء للمؤمن عند كل مصيبة ، ومواساة عند كل كرب .. وفى هذا يقول الله سبحانه وتعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ* أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (١٥٥ : ١٥٧ : البقرة).
أما الذي لا يؤمن بالله ، ولا باليوم الآخر ، فإنه قد خلّى بينه وبين مصيبته ، يتجرع غصصها ، ويمضغ جمرها ، ويبيت على أشواكها ، دون أن يجد للصبر طريقا ، أو يرى للعزاء وجها ..