هذا الإنسان الذي لا يؤمن بالله فى مواجهة الرزايا ، وفى لقاء المصائب ، هو طعام للجزع ، ووقود لليأس والحسرة!
أما فى حال العافية ، والرخاء ، وسعة الرزق ، وفيض المال ، فهو متسلط جبار ، لا يرى لأحد شيئا مما ملك ، بل إن هذا الملك الذي فى يده ، يغريه بإذلال الناس ، واستعبادهم ، حتى يزداد علوا ، ويزداد غيره نزولا ، ففى ذلك متعة له ، ورضا لنفسه ، وهناءة لقلبه .. كما يقول سبحانه : (وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً).
إنه لا يرى أبدا أن هذا الذي بين يديه ، هو وديعة عنده ، يمكن أن تسترد يوما ممن أودعها إياه ... وإنما يقوم تقديره على أن هذا الذي وقع له ، هو من تدبيره ، أو هو أمر لازم لذاتيته ، ولما فيه من مزايا خاصة ، أثمرت له هذا الثمر .. إنه يتصور أنه من عنصر كريم ، لا يثمر إلا هذا الخير ، الذي هو فيه ، كما أن غيره من الفقراء والمساكين والضعفاء ، هم من عنصر لا يجىء منه غير الفقر ، والمسكنة والضعف .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى فى الكشف عن تفكير هذا الإنسان الضال المغرور بنفسه ، إذ يقول سبحانه على لسانه : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي) (٥٠ : فصلت) أي هذا من طبيعة ذاتى ، وخصّيصة وجودى .. أما الفقراء ، وذوو الحاجة ، فإنهم ليسوا أهلا لغير الفقر والحاجة ، ولو كانوا يستحقون غير ما هم فيه ، لما بخل الله عليهم به. (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) (٤٧ : يس)
وقوله تعالى :
* (إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ* وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ..).