وقد تداول هذا المعنى كثير من الشعراء ..
فعن النفوس النازلة ، التي يرضيها التافه الحقير من نفايات الحياة ، يقول المتنبي :
وفى الناس من يرضى بميسور عيشه |
|
ومركوبه رجلاه والنعل جلده!! |
وعن النفس العالية الكبيرة التي لا يرضيها إلا أن تأخذ مكانها مع مطالع النجوم ومسارات الكواكب ، يقول المتنبي أيضا ـ ويعنى نفسه : ـ
وشرّ ما قنصته راحتى قنص |
|
شهب البزاة سواء فيه والرخم |
فوصف المعيشة بأنها عيشة راضية ، كما جاء بها النظم القرآنى ، فى قوله تعالى : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ـ وصفها بأنها هى العيشة الراضية ـ هو الوصف الذي يحقق الرضا لجميع النفوس ، صغيرها وكبيرها ، فلا يجد الإنسان ـ أي إنسان ـ حيث تقلّب فى هذه العيشة ، إلا الرضا المطلق ، الذي لا يتكلف له جهدا ، وهى معيشة تنزل الناس جميعا منزلة عالية ، وترتفع بنفوسهم عن كل ما هو دون محتقر ..
أما ما يذهب إليه علماء البلاغة : من تخريج هذا المعنى ، على ما يخرّجون عليه من قولهم : إن اسم الفاعل : (راضِيَةٍ) هو معدول به عن اسم المفعول «مرضىّ» أي مرضى عنها ـ ففيه إفساد للمعنى الذي تحمله المعجزة القرآنية فى كلمة «راضية» وحجب لوجهها المعجز الذي رأيناها عليه ، فقد تكون المعيشة مرضية ، وهى فى حقيقتها تافهة لا تتعلق بها إلا النفوس الصغيرة ..
وقوله تعالى : (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ* قُطُوفُها دانِيَةٌ) ـ هو بيان لتلك