هذا الذي يقترضه .. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .. ولكن هذا العطاء ، ثم الاقتراض منه ، هو تكريم للإنسان ، وإحسان إليه ، حتى ينال بما ينفق من مال الله ثواب الله فى الآخرة وحسن الجزاء فى الدنيا ، بما يضاعف للمنفق ما أنفق ، كما يقول سبحانه : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) (٢٧٦ : البقرة) وكما يقول جل شأنه : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) (٢٤٥ : البقرة).
والقرض الحسن : هو الذي ينفق فى سبيل ، الله عن رضا نفس ، وانشراح صدر ، والذي لا يتبعه منّ ولا أذى.
قوله تعالى : (وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) .. أي أنه سبحانه عظيم الشكر لمن يقرضه ، وينفق فى سبيله ، فيجزيه الجزاء الحسن على ما أنفق ، وهو سبحانه «حليم» لا يعجل بعقاب الذين يضنون ويبخلون بما آتاهم الله من فضله ، فلا يقطع عنهم أمداد نعمه وإحسانه ، فى هذه الدنيا ، بل يمدّ لهم فى العطاء ، ولا يعجّل لهم الموت حتى يستوفوا آجالهم ، وحتى تكون بين أيديهم فرصة للمراجعة ، والمصالحة مع الله .. فإن هم لم يصلحوا أمرهم ، وماتوا على ما هم عليه من الشحّ والبخل ، والضنّ بحقوق الله ـ كان إلى الله حسابهم ، فإن شاء عفا ورحم ، وإن شاء عاقب وانتقم.
قوله تعالى :
(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
هو معطوف عطف بيان على قوله تعالى : (وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) .. أي هو سبحانه شكور حليم ، وهو عالم الغيب والشهادة ، وهو العزيز الحكيم .. فهذه صفات الله سبحانه التي يتعامل بها مع عباده الذين يقرضونه .. إنه سبحانه