ويجوز أن يكون «خيرا» منصوبا بفعل مضمر ، تقديره أنفقوا وقدموا خيرا لأنفسكم من أموالكم.
وقوله تعالى : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
هو تحريض على البذل والإنفاق فى سبيل الله ، وتحذير من الشحّ ، والضنّ بالبذل والسخاء فى وجوه الخير .. فإن من وقى نفسه شرّ هذا الداء ، داء الشحّ ، كان من المفلحين ، حيث إن البخل ، لا يكون إلّا من نفس استهلكها حبّ المال ، فضنت به عن الإنفاق فى قضاء الحقوق ، وفى أداء الواجبات لذوى القربى ، والفقراء والمساكين .. ثم ذهب بها هذا الحرص ، إلى اكتساب المال من كلّ وجه ، فى غير تحرّج أو تأثّم ، فإن حبّ المال يعمى ويصم!
فأقرب الناس إلى السلامة ، وأدناهم إلى الفلاح من خلص بنفسه من ربقة العبوديّة للمال ، ومن حبائل فتنته .. كما يقول سبحانه : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) .. فإذا تحرر الإنسان من هذا الداء ، واستعلى على هذه الفتنة ، استقام له طريقه فى الحياة ، فكان من المفلحين فى الدنيا والآخرة جميعا.
قوله تعالى :
(إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ).
هو إغراء بالإنفاق فى سبيل الله ، وإعلاء لشأن المنفق ، ورفع لقدره ، حتى إنه ليقف بين يدى خالقه والمنعم عليه موقف المقرض ، الدائن .. فما أعظم فضل الله ، وما أوسع إحسانه .. إنه يعطى ، ثم يستقرض مما أعطى!! والله سبحانه غنىّ غنى مطلقا عن هذا القرض الذي يقترضه ، لأن هذا الذي يقترضه ، هو ملك له ، وفضل من فضله ، ولو كان فى حاجة إلى أن يقترض ، لأمسك