دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) (٤٥ : النور).
وهذا المعنى ، لا ينفى أن الله سبحانه خلق المؤمن مهيأ للإيمان مستعدّا له ، وخلق الكافر مهيأ للكفر ومتقبّلا له ، كما خلق الدواب ، فكان لكل نوع ، الخلق الذي هو عليه بين المخلوقات ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى ، (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) .. أي أعطى كل مخلوق ما قدّر له ، ثم هداه إلى هذا الذي قدّره له.
وليس ببعيد عن هذا ما يقول به جمهور علماء السنة من أن الله خلق الكافر ، وكفره فعل له وكسب ، مع أن الله خالق الكفر ، وخلق المؤمن ، وإيمانه فعل له وكسب ، مع أن الله خالق الإيمان ..
قوله تعالى :
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ..
أي أنه سبحانه خلق هذا الوجود ـ فى أرضه وسمائه ـ بالحقّ ، الذي عدل بين المخلوقات ، وأقام كل مخلوق بالمكان المناسب له فى هذا الوجود .. (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ* ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ) .. (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) (١١٥ : المؤمنون) .. (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) (١٧ : الأنبياء).
وقوله تعالى : (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) ـ هو خطاب للناس جميعا ، حيث كان وضعهم بين المخلوقات أحسن وضع ، وكانت صورتهم أحسن صورة .. (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ