من قدرة الله .. فهو المالك لكلّ شىء ، لا شريك له .. وإذ كان هذا شأنه فهو ـ سبحانه ـ الذي يصرف مخلوقاته كيف يشاء ، ويقيمها حيث أراد ..
وفى قوله تعالى : (وَلَهُ الْحَمْدُ) إشارة أخرى ، إلى أنه سبحانه وحده ، هو المستحق الحمد من كلّ مخلوق ، فى أية صورة كان خلقه ، وعلى أي حال كان وضعه .. فالخلق إيجاد ، ووجود الكائن المخلوق ، والوجود نعمة ، بالإضافة إلى العدم ، الذي هو ضلال فى عالم التيه والضياع.
قوله تعالى :
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ..
وهذا هو تدبير الله فى خلقه ، وحكمه فى عباده .. وهكذا خلقهم .. منهم الكافر ومنهم المؤمن .. كما أن منهم الذكر والأنثى ، والذكىّ والغبىّ ، والغنىّ ، والفقير .. إلى غير ذلك من أنماط الناس ، وأشكالهم ..
ثم هو سبحانه «بصير» أي عالم علما متمكنا ، من كل ما يعمل العاملون ، من مؤمنين ، وكافرين.
وقدّم الكافرون هنا على المؤمنين ، لأن الكافرين كثرة فى العدد ، حتى لكأنهم يشبهون الجسد الإنسانىّ ، على حين يمثل المؤمنون الرأس فى هذا الجسد ..
وقيل إن المعنى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ) كلام تام ، ثم كان بعد هذا الخلق أن ظهر فى الناس ما هم عليه من كفر وإيمان ، كما يقول سبحانه بعد هذا : (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) .. وهذا مثل قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَ