هو لقاء لآيات الله مع المؤمنين ، بعد أن استمعوا إلى ما تنزّل فى المنافقين من آيات ..
وكان من حكمة الحكيم العليم ، أن يلفت المؤمنين إلى أنفسهم ، بعد أن أراهم الصورة المنكرة للإنسان الضال المنحرف ، ليكون لهم فيه عبرة وعظة .. وحتى لا يشغل المؤمن كثيرا بأمر هؤلاء المنافقين ، وحتى لا يقف كثير من المؤمنين عند حد النظر إلى هذه الصور المتحركة بين عينيه ، التلهي والتسلية .. جاءت هذه اللفتة السماوية إليهم ، ليخرجوا بمشاعرهم وتصوراتهم عن هذا الموقف ، ولينظروا فى أنفسهم هم ، وليراجعوا حسابهم مع ذواتهم ، فقد يكون فيهم من هو على صورة هؤلاء المنافقين ، أو على شبه قريب منها ، وهذا يقتضيه أن يصحح وضعه ، إن أراد أن يكون فى المؤمنين .. أما كيف يقيم ميزانه السليم على طريق الإيمان ، فهو أن يكون كما دعا الله المؤمنين إليه فى هاتين الآيتين : وهو ألا يشغل عن ذكر الله بالأموال والأولاد ، وألا يكون ذلك همه فى الحياة الدنيا ، فيستغرقه متاع هذه الحياة ، ويقطعه عن ذكر الله ، وعن النظر إلى الآخرة ، وما فيها من حساب وجزاء .. فإن من يفعل ذلك فقد خسر نفسه ، وأوردها موارد الهلاك فى الدنيا ، والعذاب الأليم فى الآخرة ..
فإذا انخلع الإنسان عن سلطان الاشتغال بالأهل والولد ، وعن الغفلة عن ذكر الله ـ كان طلب البذل منه للإنفاق فى وجوه الخير ، أمرا مقبولا ، يمكن أن يمتثله ويستجيب له ، حيث خرج من هذا السلطان المتحكم فيه ، الآخذ على يده ، وهذا هو السر ـ والله أعلم ـ فى تقديم النهى على الأمر .. فإن الانتهاء عن المنكر والقبيح ، مدخل إلى إتيان المعروف والحسن من الأمور .. إن الانتهاء عن القبيح أشبه بالشفاء من داء يغتال عافية الجسد ، فإذا عوفى