والثّقاف : ما يثقّف به الرمح ، أي يعدّل ويقوّم ، والمراد بثقف القوم هنا التمكن منهم ، كما يتمكن الثقاف من الرمح. والخطاب هنا للمؤمنين الذين بينهم وبين المشركين مودة .. أي أن هؤلاء المشركين الذين توادّونهم أيها الموادون لهم من المؤمنين ـ إن يظفروا بكم فى حرب بين المؤمنين وبينهم ، لن يبقوا على هذا الود الذي تحسبونه قائما بينكم وبينهم ، بل إنهم سيكونون لكم فى تلك الحال أعداء ، يبسطون إليكم أيديهم بالأذى ، وألسنتهم بالسوء ، بل إنهم ليفعلون بكم أكثر من هذا ، وهو حملكم على أن تعودوا إليهم كفارا .. فهذا هو الذي يقطع عداوتهم لكم ..
وفى قوله تعالى : (يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً) ـ إشارة إلى أن هذه المودة التي بين بعض المؤمنين والمشركين ، هى التي تخفى هذه العداة التي فى صدور المشركين لهم ـ فإذا أمكنت الفرصة المشركين منهم ، ظهرت هذه العداوة الكامنة ..
وفى قوله تعالى : (وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) ـ بعطف الفعل الماضي على فعل المستقبل «يبسطوا» ـ فى هذا إشارة إلى أن هذه الرغبة ، أي رغبة المشركين فى أن يكفر المؤمنون ـ هى رغبة قديمة ، من يوم أن آمن هؤلاء المؤمنون .. إنها رغبة لم تنقطع بالهجرة ، ولا بالمودّة التي تجرى بينهم وبين هؤلاء المؤمنين ، بل هى قائمة فى صدور المشركين ، لن تموت أبدا إلا بعودة المؤمنين كفارا ..
قوله تعالى :
(لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)