طريقهم .. فهم الذين ارتادوا لأقوامهم الطريق إلى الإيمان ، واحتملوا مع الرسل سفه السفهاء ، وجهل الجاهلين من أقوامهم .. فكان لهم بهذا فضل لا يشاركهم فيه. إلا أفراد قليلون ممن جاءوا بعدهم .. ولهذا جاء قوله تعالى : (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ـ مبينا أن من يلحق بهم من بعدهم هم قلة بالنسبة إليهم .. إذ كان ذلك المقام لا ينال إلا فى صحبة الرسل. أو من تبلغ به تقواه ، ومجاهدته أن يكون مجدّدا لدعوة الرسول ، متابعا لشريعته ، خطوة خطوة ..
قوله تعالى :
(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) أي يمر عليهم ، وهم فى متكئهم هذا ـ (وِلْدانٌ) ، أي غلمان «مخلدون» أي خالدون فى هذا الشباب الدائم ، الذي لا يتحول أبدا .. فهم مخلدون فى حالهم تلك ، كما يخلد أهل الجنة فى الجنة ، وأهل النار فى النار .. أو أنهم مخلدون ، أي تزين آذانهم بقروط من كريم المعادن ، ونفيس الجواهر.
والأكواب : جمع كوب ، وهو ما كان من الآنية بغير عروة.
والأباريق : جمع إبريق ، وهو ما كان ذا عروة يمسك به منها.
والكأس : الإناء الذي يشرب فيه الخمر ، ولا يسمى كأسا إلا إذا كان فيه الشراب ..
والمعنى أن هؤلاء الولدان المخالدين الذين يلبسون ثوب الصبا أبدا ، والذين تزين آذانهم بالقروط ، دلالا وتنعما ـ يطوفون على هؤلاء المقربين بأكواب ، وأباريق ، وكئوس من معين ، أي من عيون جارية من الخمر ..
وفى جمع الأكواب ، والأباريق ، وإفراد الكئوس ـ إشارة إلى أن الأكواب والأباريق ، هى التي تحمل الشراب لأهل المجلس ، فإذا انتهى الولدان