وفى تعريف طرفى الجملة ـ المبتدأ والخبر ـ ما يفيد القصر .. أي قصر السبق عليهم وحدهم ، وأنهم كما سبقوا إلى الإيمان بالله فى الدنيا ، سبقوا إلى الله سبحانه فى الآخرة ، وكانوا أول من ينزل ساحة فضله ورضوانه.
قوله تعالى :
(أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)
إشارة إلى هؤلاء السابقين ، وإلى هذا المقام الكريم الذي أحلهم الله سبحانه وتعالى فيه يوم القيامة ، وأنهم هم أهل القرب من الله سبحانه.
وقوله تعالى :
(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ)
هو بيان للحال التي يكون عليها هؤلاء السابقون المقربون .. فهم فى جنات النعيم ، على سرر «موضونة» أي مطرزة ، ومكللة.
وهم على هذه السرر فى حال من الطمأنينة ، والأمن ، والرضوان ، حيث يتكئون على هذه والسّرر اتكاء استرواح واسترخاء ، يقابل بعضهم بعضا ، وينظر بعضهم إلى بعض ، فيرى كل منهم فى وجه أصحابه نضرة النعيم ، فيزداد نعيما ورضوانا ، بهذا النعيم ، وذلك الرضوان ، الذي يراه وقد فاض على كل من حوله.
وقوله تعالى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ـ إشارة إلى أن أهل السبق هؤلاء ، الذين ينعمون بهذا النعيم ، هم (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) .. والثلة : الجماعة الكثيرة من الناس ، وهم أولئك الذين سبقوا إلى الإيمان من كل أمة ، فكانوا بهذا أشبه بالأعلام المنصوبة ، يقتدى الناس بهم ، ويأخذون