فالاسم المشار إليه فى قوله تعالى : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) هو هذا الاسم الكريم «الرحمن» الذي بدئت به السورة ، والذي عرضت فيه آياتها آلاء الله ونعمه التي أفاضها على عباده ، وكان من حق كل نعمة منها أن يلقاها الثقلان بالحمد والشكر ، وإن كان حمدهما وشكرهما لا يقوم بحق نعمة منها ..
ولهذا كان الله سبحانه وتعالى هو الذي بارك نفسه ، وحمد ذاته ، ليجبر تقصير العباد ، وليؤدى عنهم هذا الدّين الذي عجزوا عن أدائه ، حتى لا يقطع عنهم أمداد هذه النعم ، ولا يأخذهم بعجزهم وتقصيرهم عن أداء حق شكرها وحمدها .. فسبحانه ، سبحانه ، من رب رحمن ، رحيم ، كريم .. يوالى النعم على عباده ، ثم يقوم عنهم بأداء الشكر عليها ، والحمد لها ..
يقول الإمام النسفي : كررت هذه الآية ـ أي (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) إحدى وثلاثين مرة ، ذكر ثمانية منها عقب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله وبدائع صنعه ، ومبدأ الخلق ومعادهم ، ثم سبعة منها عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها ، على عدد أبواب جهنم ، وبعد هذه السبعة ، ثمانية فى وصف الجنتين وأهلهما على عدد أبواب الجنة ، وثمانية أخرى بعدها للجنتين اللتين دونهما ، فمن اعتقد الثمانية الأولى (أي المذكورات فى أول السورة) وعمل بموجبها فتحت له أبواب الجنة ، وأغلقت عنه أبواب جهنم ، نعوذ بالله منها ..
* * *