فعلى حين يتكىء أصحاب الجنتين الأوليين على فرش بطائنها من ديباج ، وحشوها من حرير ، وعلى حين أن هذا الاتكاء لا يباعد بينهم وبين ثمر الجنة الذي يكون بين أيديهم فى أي وضع يكونون عليه ، كما يقول سبحانه : (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) ـ يكون متكأ أصحاب الجنتين الأخريين على رفارف أي مساند خضر ، لم تعرف المادة المشكلة منها .. أهى حرير أم غير حرير ، وإن عرف أن هذه المساند مبثوثة على بسط حسان ، كما لم يعرف إن كان هذا الاتكاء يباعد بين المتكئين وبين ثمر الجنة ، فلا تناله أيديهم إلا إذا غيروا من وضعهم ، واعتدلوا فى جلستهم .. أم أنهم ينالونه من قريب؟.
ونعود مرة أخرى فنقول ، إن هذه التفرقة بين حال أصحاب الجنة ، هى أمر لازم ، يقضى به عدل الله ، فكما فرق هذا العدل بين المحسنين والمسيئين ، فأنزل هؤلاء الجنة ، وأنزل أولئك النار ـ كذلك فرق هذا العدل بين المحسنين أنفسهم ، فأخذ كلّ منهم منزلته حسب إحسانه .. وبهذا يعمل المحسنون على أن يزدادوا إحسانا. حتى لا يقصّر بهم سعيهم ، ويسبقهم السابقون إلى الدرجات العلا .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) (١٣٢ : الأنعام).
قوله تعالى :
(تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ).
وبهذه الآية الكريمة ، تختم السورة الكريمة ، حيث يلتقى ختامها مع بدئها هذا اللقاء المبارك الميمون الذي يزاوج بين رحمة الرحمن ، وكرم الكريم .. فلقد بدئت السورة بالاسم الجليل «الرحمن» .. وختمت بالتبريك لهذا الاسم العظيم ، الذي يتجلى على عباده بجلاله ، وعظمته وكرمه!.