النبىّ الذي هو صفوة خلق الله ، فجعل أمته خير أمة أخرجت للناس ، وجعل لغتها هى اللغة التي تحمل دين الله كاملا ، وهو الإسلام ، فجاء القرآن الكريم بلغة العرب ، ليكون لهم حظّهم الكامل منه ، وليكونوا هم أول من يقطف من كرمه ، ويطعم من ثمره ..
وفى قوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ـ إشارة إلى الحكمة من جعل القرآن الكريم قرآنا عربيا ، وهى لكى يتمكن العرب من الاتصال به ، وإدراك معانيه ، وعقلها ، حتى يفيدوا منه ، وينتفعوا بما فيه من خير .. وهذا يعنى أن العقل هو الوسيلة التي يتوسل بها إلى الإفادة من القرآن ، وأن من يجىء إليه متخليا عن عقله ، غير متدبر لآياته ، لا ينال من خيره شيئا ..
قوله تعالى :
(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ).
هو وصف للقرآن الكريم ، وأنه مودع فى أم الكتاب عند الله ، وحسبه بهذا علوّا وشرفا ، وإنه علىّ فى ذاته ، حكيم فى أحكامه ، ومن شأن من يتصل به أن يستعلى بإنسانيته عن مستوى أهل الجهالة والضلال ، وأن يتزيّا بزىّ الحكمة ، التي هى العقل المتحرر من الأوهام والخرافات ، المستنير بنور العلم والمعرفة ..
وقد وصف القرآن الكريم هنا بصفتين من صفات الله سبحانه وتعالى ، هما ، العلىّ والحكيم .. لأن القرآن كلام الله ، من صفات الله .. فكل ما لله سبحانه وتعالى من صفات الكمال ، هو لكل صفة من صفاته ..