أحدهما رمز وإشارة ، وهو (حم) والآخر ، كلام بيّن القصد ، واضح الدلالة ، وهو (الْكِتابِ الْمُبِينِ) .. وهما متفقان لأنهما ـ الخفي والجلى ـ كلاهما من عند الله ، ومن كلام الله ..
هذا ، وأوثر أن أفهم قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٣٨ ـ ٤٣ : الحاقة) ـ أوثر أن أفهم القسم بما يبصرون وما لا يبصرون ، على أن ما يبصرون ، هو ما تتضح لهم دلالته من ألفاظ القرآن ، وما لا يبصرون ، هو ما لا يرون له دلالة أصلا ، وهى تلك الحروف المقطعة ، وقد أقسم الله سبحانه وتعالى بهما معا ، كما جاء القسم فى قوله تعالى : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) وفى أمثالها .. فهو قسم بالخفّى والظاهر من آيات الله .. ثم إنه ليس هذا بالذي يمنع أن يشمل القسم ، ما يبصرون وما لا يبصرون ، من آيات الله القرآنية والكونية .. على السواء ..
ومما يستأنس به فى هذا المقام ، أنه قد جاء بعد هذا القسم ، نفى صفة الكهانة عن الرسول الكريم ، وأن ما يقوله من ألفاظ لا يفهمون دلالتها ـ كهذه الحروف المقطعة ـ ليس هو من قبيل كلام الكهان الذي يجىء كله رموزا ، وطلاسم ، وإنما هو قول رسول كريم ، تلقاه وحيا منزلا من رب العالمين.
قوله تعالى :
(إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
أي أن الله سبحانه ، وتعالى قد أكرم هذه الأمة العربية ، ببركة هذا