قوله تعالى :
* (وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ)
خصت جنات النخيل والأعناب من بين أنواع الفاكهة بالذكر ، لأن هاتين الشجرتين ـ النخلة ، والكرمة ـ غاية ما يبلغه النبات من كمال فى سلّم الترقّي .. فهما على قمة العالم النباتي ، وما تحتهما تبع لهما .. وإلى هذا يشير الحديث الشريف : «أكرموا عماتكم النخل ، فإنهن خلقن من طينة آدم» ـ وهذا يعنى أن النخل قد أشرف من قمة عالم النبات على عالم الحيوان ، وكاد يلامس هذا العالم ، ويحسب من أفراده .. وقدم النخيل على الأعناب ، لأنه أرقى درجة منه ..
قوله تعالى :
* (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ)
يمكن أن تكون اللام فى قوله تعالى : (لِيَأْكُلُوا) للتعليل ، أي أحيينا الأرض ، وأنبتنا فيها جنات من نخيل وأعناب ، ليكون ذلك نعمة من نعمنا عليهم ، لحفظ حياتهم ، بالأكل من ثمرات هذه الجنات ..
ويمكن أن تكون اللام للأمر ، وفى هذا الأمر دعوة لهم إلى الأكل من تلك المائدة التي مدها الله للعباد ، وجعل عليها ما تشتهى الأنفس من طيبات ـ وفى هذا الأمر إلفات لهم إلى هذا الإحسان ، وذلك الفضل من الله ، وإلى ما ينبغى لله من شكر وحمد ، وهذا مثل قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى* كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ .. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) (٥٣ ـ ٥٤ : طه)
والضمير فى ثمره ، يعود إلى النخيل ، لأنه المقدم رتبة على العنب ، وهو