الموت ، كما يقولون : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (٢٩. الأنعام).
أما إذا كان الحديث عامّا إلى الناس جميعا ، مؤمنين وكافرين ، فأكثر ما يجىء الحديث عن البعث بالرجعة إلى الله ، كما يقول سبحانه : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) (٨ : العلق).
وكما يقول سبحانه : (كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) (٩٣ : الأنبياء) .. والرجوع هنا ، هو عودة إلى المبدأ الذي بدأت منه رحلة الحياة .. حيث كانت الحياة من عند الله ، ثم رجعت إليه ..
قوله تعالى :
* (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ).
وهذا شاهد يشهد للمكذبين بالبعث ، بأنه أمر ممكن ، وإن إنكارهم له يقوم على فهم خاطئ لقدرة الله .. فلو أنهم نظروا إلى هذه الأرض الميتة ، وكيف يحيى الله مواتها ، ويبعث فيها الحياة ، ويخرج من أحشائها صورا لا حصر لها من الكائنات الحية ـ لو نظروا إلى هذا لرأوا أن بعث الأجساد الهامدة لا يختلف فى شىء ، عن بعث الحياة فى الأرض الجديب.
وقوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ) مبتدأ وخبر ، وقدم الخبر «آية» على المبتدأ «الأرض» للإلفات إليه ، لأنه الآية المراد النظر فى وجهها ، وأصل النظم : «والأرض الميتة آية لهم»
وقوله تعالى : (أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) هو بدل من الأرض الميتة .. وهو بيان لها ، يكشف عما فى كيان هذه الآية التي تخرج من الأرض .. والحبّ ، هو ما يخرج من نبات البرّ ، والشعير والأرز ، ونحوها ..