رأسك ، قال : فضحك المهديّ وأصغى إليه ، فقال : إنّي هجين ، قال : ليس يضرّك ذاك ، إخوة أمير المؤمنين أكثرهم هجن ، يعني أولاد إماء ، يا غلام : عليّ بعمّه ، فأتي به ، فإذا أشبه خلق بأبي ميّاس كأنّهما باقلّاة فلقت ، فقال : لم لا تزوّج أبا ميّاس وله أدب وأنت عمّه؟ قال : إنّه هجين ، قال : فإخوة أمير المؤمنين وولده أكثرهم هجن ، فليس هذا ممّا ينقصه ، زوّجه ، فقد أصدقتها عنه عشرة آلاف درهم ، قال : قد فعلت ، فأمر له بعشرين ألفا فأنشد :
ابتعت ظبية بالغلاء ، وإنّما |
|
يعطى الغلاء بمثلها أمثالي |
وتركت أسواق القباح لأهلها |
|
إنّ القباح وإن رخصن غوالي. |
قال الزّبير ، أخبرني يوسف الخيّاط قال : دخل ابن الخيّاط المكّيّ الشاعر على المهديّ وقد مدحه ، فأمر له بخمسين ألفا ، فلمّا قبضها فرّقها على الناس وقال :
أخذت بكفّي كفّه أبتغي الغنى |
|
ولم أدر أنّ الجود من كفّه يعدي |
فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى |
|
أفدت ، وأعداني ، فبدّدت ما عندي |
فنمي الخبر إلى المهديّ ، فأعطاه بكلّ درهم دينارا (١).
وقيل إنّ مروان بن أبي حفصة لما أنشد المهديّ قصيدته السائرة التي أولها :
صحا بعد جهل واستراحت عواذله.
قال : ويلك ، كم بيت هي؟ قال : سبعون بيتا ، قال : لك بها سبعون ألفا (٢).
وفيها :
كفاكم بعبّاس أبي الفضل والدا |
|
فما من أب إلّا أبو الفضل فاضلة |
كان أمير المؤمنين محمدا |
|
أبو جعفر في كلّ أمر يحاوله |
إليك قصرنا النّصف من صلواتنا |
|
مسيرة شهر بعد شهر نواصله |
__________________
(١) تاريخ بغداد ٥ / ٣٩٣ ، ٣٩٤.
(٢) انظر : الفرج بعد الشدّة للتنوخي ١ / ٣٧٩.