فلا نحن نخشى أن يخيب مسيرنا |
|
إليك ، ولكن أهنأ البرّ عاجله (١) |
فتبسّم وقال : عجّلوها له.
الزّبير بن بكّار ، عن بعضهم : أنّ المهديّ كان مستهترا بالخيزران ، لا يكاد يفارقها في مجلس يلهو به.
عمر بن شبّه قال : كانت للمهديّ جارية يحبّها حبّا شديدا ، وكانت شديدة الغيرة عليه ، فتغتاظ ، وتؤذيه ، فقال فيها :
أرى ماء وبي عطش شديد |
|
ولكن لا سبيل إلى الورود |
أراح الله من بدني فؤادي |
|
وعجّل بي إلى دار الخلود |
أما يكفيك أنّك تملكيني |
|
وأنّ النّاس كلّهم عبيدي؟ |
وأنّك لو قطعت يدي ورجلي |
|
لقلت من الرّضا : أحسنت زيدي (٢) |
والمهديّ كغيره من عموم الخلائف والملوك ، له ما لهم ، وعليه ما عليهم ، كان منهمكا في اللّذّات واللهو والعبيد ، ولكن مسلم خائف من الله ، قد تتّبع الزّنادقة وأباد خلقا منهم.
فذكر محمد بن مقدّم الواسطيّ ، عن أبيه : أنّ المهديّ قال لأبيه الهادي يوما ـ وقد قدّم إليه زنديق فاستتابه فلم يتب فضرب عنقه ـ : يا بنيّ إنّ ولّيت فتجرّد لهذه العصابة ، يعني أصحاب ماني ، فإنّهم يدعون إلى ظاهر حسن كاجتناب الفواحش والزّهد والعمل للآخرة ، ثم بعد ذلك يخرجون النّاس إلى تحريم اللّحوم ، ومسّ الماء للتطهّر ، وترك قتل الهوامّ تحرّجا وتأثّما ، ثم يخرجون من هذا إلى عبادة اثنين ، أحدهما النّور ، والآخر الظّلمة ، ثم يبيحون نكاح الأخت والبنت ، والغسل بالبول ، فجرّد فيهم السيف ، فإنّي رأيت جدّك العبّاس في المنام ، فقلّدني سيفين ، وأمرني بقتل أصحاب الاثنين.
قال الزّبير ، وحدّثني يحيى بن محمد قال : قسّم المهديّ قسما سنة
__________________
(١) تاريخ بغداد ٥ / ٣٩٥ وفيه : «أهنأ الخير عاجله».
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ١٨٥ وفيه ثلاثة أبيات ، دون الثاني.