وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) .. فهذا السبق الذي كان لهم ، هو بتوفيق الله ، وبفضله عليهم ، وإلى هذا يشير الله سبحانه بقوله : (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) .. ويجوز أن تكون الإشارة هنا إلى الميراث ، أو الاصطفاء فى قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا). فهذا وذاك فضل كبير من الله رب العالمين.
ونخلص من هذا إلى تقرير حقيقتين نراهما على ضوء هذه الآية الكريمة : الحقيقة الأولى ، هى أن المسلمين ، الذين أورثهم الله القرآن الكريم ، هم جميعا ـ المستقيم منهم والمعوج ، والمطيع والعاصي ـ هم الفريق المصطفى المتخير من الله من بين عباد الله .. فالمسلمون فريق .. والناس جميعا فريق ..
الحقيقة الثانية ، وهى أن أهل هذه الملة جميعا ناجون ، وأن أهل المعصية منهم إذا حبسوا على النار قليلا أو كثيرا ، فإنهم من أهل الجنة. وهذا ما بشير إليه الحديث الشريف : «من قال لا إله إلا الله مؤمنا بها قلبه دخل الجنة» وفى الحديث أيضا عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «سابقنا سابق ، ومقتصدنا ناج ، وظالمنا مغفور له»
وينبنى على هاتين الحقيقتين أمور :
أولها : أن على المسلم أن ينظر إلى نفسه ، فى هذا المقام الكريم الذي وضعه الله سبحانه وتعالى فيه ، وجعله من أهل اصطفائه ، وهذا يقتضيه أن يحرص الحرص كله على أن يحتفظ بمكانه هذا ، وأن يطلب منزلة أعلى ، فى منازل الإيمان التي لا حدود لها ، وألا يسفّ ويتدلّى ، فتزلّ قدمه بعد ثبوتها ..
وثانيها : أن المسلمين إنما أورثهم الله القرآن الكريم ، بعد أن تخيرهم له من بين الناس .. فهم أهله ، وأولى الناس به .. ولن يكونوا أهله وأولياءه إلا إذا