ويحجب عنه الرؤية الصحيحة لما هو ناظر إليه ..
وقد كشف علم النفس ، عن أن هناك عقلين ، عقلا فرديا ، وعقلا جماعيا ، وأن العقل الجماعى ، قد يقنع الإنسان بما لم يكن محلّ إقناع فى تفكيره الفردى .. وهذا إن صحّ فى الأمور العارضة ، فإنه لا يصحّ فى أمر العقيدة ، التي هى أمر شخصى محض ..
ـ وقوله تعالى : (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ، إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ).
هذا هو الحكم الذي يصل إليه العقل ، إذا جرى على هذا الأسلوب الذي دعى إليه ، من التفكير فى هذا الأمر الذي يدعو الرسول إليه ، تفكيرا قائما على البحث الجادّ ، والرغبة الصادقة فى الكشف عن الحقيقة .. إنه لو أخذ الإنسان ـ أي إنسان ـ بتلك العظة التي دعا القرآن إليها ، وهى أن يقوم لله مفكرا وحده ، أو مع غيره ـ لوصل إلى تلك الحقيقة ، وهى أن هذا الرسول ليس به جنّة ، وأن ما يدعو إليه هو الحقّ .. وأنه رسول الله ، ونذير لهم بين يدى عذاب شديد ، هو عذاب يوم القيامة ..
قوله تعالى :
(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ .. إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ .. وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
وهذه مادة من مواد التفكير ، فى سبيل البحث عن الحقيقة التي يدعو إليها الرسول عقل ذوى العقل ، فهذه المادة مما تعين على الكشف عن الحقيقة والتهدّى إليها .. وتلك المادة هى أن الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه .. لم يطلب أجرا من أحد على ما يدعو إليه ، وأنه لم يطلب بذلك