أصحابه؟ فتلك هى القضية ، والحكم فيها لا يحتاج إلّا إلى نظرة هنا ، ونظرة هناك ، وعندئذ يتبين الرشد من الغىّ ، والضلال من الهدى!
قوله تعالى :
(قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
أي أن كلّ إنسان يحمل مسئوليته ، وعليه أن يتحرّى الخير لنفسه ، ويطلب لها السلامة والنجاة .. فلا يسأل إنسان عن جناية إنسان ، ولا يحمل عنه وزره .. بل كل إنسان وما حمل .. (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (١٨ : فاطر) ..
وفى التعبير عن جانب النبي والمؤمنين بقولهم : (أَجْرَمْنا) وعن جانب المشركين بالعمل : «تعملون» وكان مقتضى النظم أن يجىء «أجرمتم أو تجرمون ، بدلا من تعملون ، أو أن يجىء : عملنا أو نعمل ، بدلا من أجرمنا ـ فى هذا التعبير القرآنى محاسنة للمشركين ، ورفق بهم ، وإطفاء لحمية الجاهلية التي تعمّى عليهم السبيل إلى الهدى ، وهذا هو الأسلوب الحكيم فى مخاطبة الجاهلين ، وهو أسلوب الدعوة الإسلامية والصميم من رسالة رسولها .. كما يقول سبحانه وتعالى لنبيه الكريم : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١٢٥ : النحل) ..
قوله تعالى :
(قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ).
وإذ عجز المشركون عن أن يتبينوا من المحقّ ومن المبطل ، ومن هم أهل الهدى ومن هم أصحاب الضلال ، فى هذه الخصومة فى الله ، القائمة بينهم